الحب الواعي


بيقولوا إن الحب أعمى، ودي حقيقة في حالة واحدة: لو كان الحب مش واعي، يبقى أكيد حب أعمى. والحب الواعي هو إني برغم إني شايفه عيوب اللي قدامي ومش بنكرها، لكن برضه أخد قرار واعي إني أقبله وأحبه عشان هو يستاهل إنه يتحب، بغض النظر عن عيوبه اللي من حقي أكون رافضها.

والحب الواعي هو اللي بيخليني أحتمل وأصبر ع اللي قدامي على قد طاقتي، أو حتى أقرر أبعد لو القرب ممكن يكون بيعرضني أو بيعرض اللي قدامي لضرر مستمر، وحتى وأنا ببعد أكون محاسب ع اللي قدامي وماسببلهوش جرح. بس للأسف فيه ناس كتير بتدخل في قصص حب لمجرد إنها عايزة تحب وتتحب، وناس كتير بتستحمل إساءات وذل لمجرد إن الجوع قارصها.

وناس كتير بتنبهر وتُعجب بحد مشهور أو مميز، وبتبقى مش شايفاه على بعضه، بإنسانيته وضعفه وجماله و وحاشته، ومش بعيد كمان إنهم يألهوه، ومايشوفهوش كإنسان من حقه يكون بيضعف أو بيغلط، وده بيخلينا كتير نتصدم في ناس كنا متخيلينهم ملايكة، وبعد ما كنا مبهورين بيهم، فجأة الإنبهار بيتحول لصدمة، تخلينا نفقد في كل الناس ثقتنا.

والحقيقة بقى إن مفيش إنسان ماعندوش ضعفات، أو عدم نضوج ومعيلة في حتت. أنا عارفة إننا مدركين الحقيقة دي بعقولنا، بس لما ده بيحصل في الواقع، برضه أغلبنا بيتعرض لصدمة، ولو في حياتنا مامرناش بتجارب تساعدنا إننا نستوعب الحقيقة دي، هيفضل جوانا إفتراضات مش واقعية.

زي مثلاً الإفتراض الوهمي إن رجال الدين أكيد ليهم علاقة حقيقية مع ربنا، وماعندهمش ضعفات كبيرة ومُخجلة، أو إن العاملين في المجال النفسي ناس ناضجة و واعية، لأن من واقع خبرتي إكتشفت إن رجال الدين دول ممكن يكونوا أبعد ناس عن ربنا، أو حتى قريبين بس بيصارعوا مع إدمانات مُزمنة، وإن الدكاترة والمُعالجين ممكن يكونوا هما نفسهم مرضى، وممكن عدم نضوجهم يخليهم يئذوا الناس اللي بتلجأ لهم، أو على الأقل الناس القريبين قوي منهم.

وإدراكي للحقيقة ده ساعدني إن توقعاتي من الناس تكون واقعية ومتزنة، وإني مانبهرش بحد لمجرد إني شايفة فيه حاجات حلوة، وماحبش حد غير وأنا شايفاه على بعضه، و واعية جداً لقوته ونقط ضعفه، وإني كمان أحترم العجز اللي فيهم وفيا، وماحرمش حد مهما كانت مكانته من حقه إنه يكون إنسان زيي بيعك ويغلط ، لأن ده جزء من إنسانيتنا اللي هي أجمل شيء في تكوينّا.

ماري منير 

16/9/2013






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب والاحتياج

قطع العلاقات فن!