تحدي الحياة الحقيقية


أنا حد عايش حياة بتتميز بالهدوء والخصوصية، وبرغم إنها تبان مريحة من بعيد، لكن باحس إني مسجونة في شرنقة وباعيش كدودة، مع إن المفروض أكون فراشة بتطير، والحياة دي مؤلمة جداً لأني معزولة عن الحياة الواقعية حتى لو كنت محمية من مساوئها ومتغلفة كإني عايشة في مكان مُعقم مافيهوش غير هوا نضيف، بس لو في يوم الظروف إضطرتني أنزل الشارع ممكن بسهولة أعيا، لأن ماعنديش مناعة ومش متعودة ع الجراثيم.

وكإنعكاس للطريقة اللي باعيش بيها، الوضع كان مشابه لما عملت صفحتى ع الفيسبوك، كنت برضه معقماها وعاملة ليها نظام مُحكم في أدق التفاصيل، والدنيا فضلت هادية لغاية ما نشرت كليب أغنيتي، ومن ساعتها حاسيت إن صفحتي بقت مشاع!

وبرغم إني مضايقة إن الوقت الأخير بقى فيه ناس بتهيني وبتتعدى حدودها في التعليقات، بعد ما كانت صفحتي مافيهاش غير تعليقات مشجعة وإعجاب، بس في نفس الوقت إبتديت أحس إن أخيراً بقيت عايشة في عالم بيحاكي الحياة الواقعية. للأسف الحياة دي مليانة بلطجة وإسفاف، وده شيء صعب و مؤلم، بس الأفضل إني أخرج م التعقيم وأتنفس هوا طبيعي، ولو كان حتى هوا بتراب!

أنا أكيد كنت أتمنى إني أكون باعيش في حياة أفضل من كده، بس للأسف الحياة في مجتمعنا بتفتقد للإتزان، وأغلب الناس مش بيعرفوا يعبروا عن إختلافهم مع الآخر بطريقة صحية، لكن طريقة التعامل في الغالب بتكون يا أبيض يا إسود، يا مشجعة ولطيفة قوي، يا مهينة ومسيئة جداً، يا نشوف الناس حلويين وملايكة، يا نشوفهم شياطين يستحقوا اللعنات!

والشيء المُصدم إن نفس الوضع ده بلاقيه حتى في المجتمعات الدينية والعلاجية كمان، لدرجة بتوصل لحد البلطجة والتعدي ع الحدود والحقوق والإستغلال والمحسوبية وطولة اللسان، ومفيش أي إحترام للإنسانية في أكتر أماكن مفروض تكون بتتميز بالنضوج ورُقي الأخلاق!

وإحنا ماقدمناش غير حل م الأتنين: يا نتقوقع وننزوي ونعيش محاوطين روحنا بأسوار، يا نخرج ونتعامل مع الحياة. صحيح إحنا عاجزين إننا نغير الناس، لكن نقدر نشتغل على روحنا ونتدرب، عشان نقدر نواجه ونحمي نفسنا بشكل صحي في مجتمعنا اللي مليان أمراض.

وأنا عن نفسي كان قدامي إختيار إني أرجع أعيش الحياة المعقمة اللي إتعودت عليها، وأقفل كتاباتي وأخليها مقتصرة بس ع الأصدقاء، أو حتى أقفل التعليقات والرسايل، والباب اللي يجيني منه الريح أسده وأستريح، بس أنا إخترت إني أقبل تحدي الحياة الحقيقية، حتى لو كان ده بس في العالم الإفتراضي بتاع الفيسبوك، لغاية ما تجيلي فرصة إني أعيش و واجه الحياة الواقعية بكل مساوئها وجمالها.. اللي مش بنحسه غير لما بتتعاش.
 

ماري منير 
10/9/2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب والاحتياج

قطع العلاقات فن!