المجتمع المثالي وهم


مش شرط تلاقي ربنا الحقيقي في المجتمعات الدينية، لأن ممكن يكون اللي بيتقدملك صورة مشوهة عنه، وممكن تلاقي رفض وصراعات وعك من رجال الدين اللي المتوقع منهم إنهم يكونوا قدوة. والمجتمعات العلاجية ممكن مايبقاش فيها علاج.. لكن مرض، لأن ممكن أي حد يطلع عليك مرضه، حتى المسؤولين أو المعالجين نفسهم.

أنا عارفة إن الحقيقة دي ممكن تصدمك، بس لو توقعت إنك هتلاقي أي مجتمع مثالي يبقى إنت معيش نفسك في وهم، وكل ما أدركت الحقيقة دي بدري، كل ما تكون قدرت تحمي نفسك من إساءات روحية أو نفسية ممكن تدمرك.

وإحنا عندنا أفكار كتير غلط محتاجين نصححها، عشان التوقعات العالية ممكن تضيعنا، زي مثلاً إن الرجال الدين أو المؤمنين عامة ماينفعش يكونوا بيصارعوا مع خطايا ممكن تكون مشينة بالنسبة للمجتمع، أو المؤمن ماينفعش يكون بيخاف أو بيكتئب، أو حتى ماينفعش يكون عنده لوم وعتاب على ربنا، مع إن الحد اللي ليه علاقة معاه حقيقية ينفع يكون بيصارع مع ربنا شخصياً من كتر ما العلاقة عميقة وحية، وطبيعي كمان إنه يكون بيصارع مع سلوكيات أو مشاعر سلبية، بس في نفس الوقت بيطلب منه مساعدة في الحتت اللي عاجز فيها كقوة أعظم منه.

وبالنسبة للمجتمعات العلاجية كتير مننا ممكن يكون متوقع إنها أكيد صحية، مع إن الطبيعي إنها تكون بتضم أكبر عدد من الناس اللي عندهم مشاكل وجايين عشان يشتغلوا على نفسهم، وحتى المسؤولين فيها والمعالجين مش مُستثنيين من ده، لأن ببساطة هما كمان بشر وعندهم عيوب أو حتى أمراض ممكن تكون مؤذية ليهم وللي بيتعاملوا معاهم أو القريبين قوي منهم.

طيب هل المجتمع الصحي هو اللي الناس فيه ماعندهمش أمراض أو مابتحصلش فيه غلطات أو إساءات؟ الإجابة طبعاً لأ، بس الفرق اللي المفروض يكون بينه وبين أي مجتمع تاني، هو طريقة تعاملهم مع الأخطاء والصراعات دي، يعني لما يحصل أي أخطأ أو تعدي من المسؤولين أو الأعضاء إنهم يتعاملوا بشكل يعكس شغلهم على نفسهم، ولازم يكون فيه مواجهات بتحصل بشكل مش هجومي أو دفاعي، لكن إعتراف حقيقي بالمشكلة، مش دفنها أو التجريح والإهانة حتى للطرف المخطيء.

أنا مدركة إن التصور ده نفسه ممكن يكون مثالي قوي، لأن صعب إن كل الناس تكون بتتصرف بشكل واعي وناضج كده، بس أنا ماقدرش أسيطر وأخلي الدنيا تمشي بالشكل الصح من وجهة نظري، وكل اللي في إيديا إني أشتغل على نضوجي أنا الشخصي، لأني ماقدرش أتحكم غير في تصرفاتي وردود أفعالي، وبرضه أنا من حقي إني لما أشوف أي حاجة غلط بتحصل قدامي، إني أواجه بشكل صريح من غير تجميل للحقايق، وفي نفس الوقت من غير تجريح أو إهانة أو تعدي، بس لازم يكون عندي إستعداد إني أتحمل النتايج وردود الأفعال مهما كانت مش في صالحي، لأني زي ما قولت أنا ماقدرش أتحكم في مشاعر وردود أفعال غيري، ومادام أنا طريقتي ماكنتش غلط، يبقى أنا مش مسؤولة عن أي رد فعل يحصل.

وفي النهاية إنت حر إذا كنت تكمل بتوقعاتك الوهمية، أو تواجه نفسك بالحقيقة حتى لو في الأول هتتصدم، وإنت كمان اللي بتختار إزاي هتتعامل مع الحقيقة دي لما تكتشفها، ويا تهرب وتتوجع في صمت، يا تختار تواجه وتتحمل النتيجة بشرف.


ماري منير

1/10/2014

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب والاحتياج

قطع العلاقات فن!