الحب والاحتياج


مش كل حب بيبقى حب حقيقي، ولا كل احتياج بيبقى احتياج طبيعي، لأن ممكن يكون الحب وراه احتياج، والاحتياج يكون وراه تشوهات، خلته يتضخم ويبقى احتياج مرضي. وعشان كده إحنا محتاجين نميز بين الحب الحقيقي والمزيف، وبين الاحتياج الطبيعي والمرضي.

وعشان نقدر نميز الحب الحقيقي، ففي صفات لازم تكون متوفرة فيه: أهمها إنه يكون مش مشروط، ومايكونش نابع عن ضعف لكن قوة، ورغبة في العطاء الحقيقي مش الأخذ، من غير ما يكون فيه انتظار لمقابل. والحب الحقيقي كمان بيبقى نابع عن قرار واعي، مش مجرد مشاعر قوية ممكن تهدى أو تروح مع الوقت، وممكن يكون فيه تضحية لو تطلب الأمر، وده في نظري هو الحب في أعمق صوره.

أما بقى بالنسبة للاحتياج، فعشان أقدر أقول إنه طبيعي، لازم يكون فيه اتزان بين الأخذ والعطاء، ومفيهوش استغلال أو تعلق زايد عن حده. لكن الاحتياج المرضي بيكون ناتج عن احتياج طبيعي ماتسددش بشكل صحيح وفي وقته، ونتيجة لده ممكن يتحول ويبقى احتياج مرضي، وساعتها الإنسان بيبقى حاسس بفراغ رهيب، مفيش شيء قادر يملاه، وممكن الواحد يتورط في حاجات قهرية ومؤذية، في محاولة منه إنه يشبع جوعه.

وأنا باحس إن أعمق احتياج عند الإنسان هو الاحتياج للحب والقبول الغير المشروط، وده بدوره بيشبع احتياجات تانية أساسية زي الشعور بالأمان والقيمة، لأن عمري ما هقدر أحس إن ليا قيمة أو أطمن غير لو وصلي إني محبوب ومقبول لذاتي، مش عشان حاجات بعملها أو مابعملهاش.

وبرغم إن الاحتياج ممكن يكون كبير قوي ومُلح، بس الرمرمة عمرها ما بتشبع، لكن بالعكس بتزود الجوع أكتر، وبتحولني لإنسان مُستعبد، ومفيش قدامنا غير إننا نمشي سكة نشتغل فيها على روحنا، عشان نقدر نستمتع بعلاقات صحية ومُشبعة مع الآخرين وكمان مع نفسنا، وأهم حاجة مع ربنا، لأنه مصدر الحب الحقيقي اللي يقدر يصلح تشوهاتنا ويشبع جوعنا.


ماري منير

5/11/2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب الواعي