الاتزان بين الأخذ والعطاء


ممكن نكون كلنا عندنا احتياجات غير مسددة من الطفولة، بس الفرق إن فيه ناس بقوا مش قادرين يستقبلوا أي تسديد لاحتياجاتهم لما كبروا، وفيه ناس بقوا بيستغلوا الآخرين عشان يسددوا الاحتياجات دي، زي ما فيه ناس كمان قدرت توصل للاتزان في تسديد احتياجهم بشكل صحي.

والنوع الأول بيعيش حياة فقيرة قوي، لأن في المناطق اللي بيبقى عاجز فيها حياته بتوقف، ومش بيبقى قادر ياخد أي مساعدة، حتى لو اتعرضت عليه وجتله لحد عنده، وبيكون حساس قوي لده، وممكن يعتبر إن الاحتياج ده شيء مُذل، ولو أخد ممكن يحس بالذنب من كتر ما هو حاسس إنه مايستحقش، وممكن كمان يكون بيخاف ياخد لحسن يتطلب منه مقابل، أو إنه يتعود ياخد من شخص معين وفجأة مايبقاش موجود في حياته، أو مايكونش متاح لما يحتاجله.

والنوع التاني بيبقى محصور قوي في نفسه ومش شايف غير احتياجه، والناس بيبقوا مجرد أداة أو وسيلة بيستخدمها عشان ياخد بس اللي هو عايزه. والنوع ده نفسه بينقسم لنوعين: نوع بياخد بس من غير ما يدي، وده اللي بيسموه الاعتمادي المُقَنع، ونوع تاني ممكن يكون بيدي بزيادة بهدف إنه ياخد ولو حتى شيء معنوي، أو عشان يضمن وجود الناس في حياته، وممكن كمان يعمل أي حاجة عشان يرضيهم كمحاولة منه للسيطرة عليهم، وده الاعتمادي التقليدي.

والنوعين دول بيحاولوا يسطروا ع اللي قدامهم بأساليب كتير، زي اللوم والضغط والمناورة، أو حتى بالعطاء المزيف، ومش بيبقى عندهم القدرة إنهم يحترموا الحدود حتى لو كانت واضحة، وبيبقوا مؤذين مش بس لنفسهم، لكن لكل الناس اللي بتعرفهم، حتى لو العلاقة كان فيها تواطؤ والطرفين مش حاسين بالأذى اللي فعلاً حاصل، وأنا شخصياً اتعرضت للاستغلال من ناس جمعتني بيهم علاقات صداقة، كان فيهم ناس عاديين ورجال دين وحتى معالجين نفسيين، وده بيبين حقيقة مهمة جداً، وهي إن أي حد فينا مُعرض لعلاقات يكون فيها بيُستغل أو مُستغل، سواء ده كان بوعي أو من غير وعي، وعشان كده إحنا محتاجين نكون واعين لنفسنا أكتر، ونشتغل على روحنا عشان مانستغلش حد ولا حد يستغلنا.


أما بقى النوع التالت وده النوع اللي فيه توازن، هما اللي بياخدوا وبيدوا في علاقاتهم بشكل صحي، وأنا ماعتقدتش إننا بنتخلق وعندنا الاتزان ده، لكن دي مهارة زي أي مهارة محتاجين نتدرب عليها، وممكن نوصلها حتى لو ماتعلمنهاش من الطفولة. صحيح الموضوع هيكون محتاج مجهود أكبر لو بنتدرب على ده وإحنا كبار بعد سنين طويلة من عدم الاتزان، لكن ده شيء ممكن ومش مستحيل إننا نوصله.

وأنا عن نفسي كنت بميل للنوع الأول الاستقلالي، وكان صعب عليا قوي إني أطلب، أو حتى أخد مساعدة معروضة عليا، بس اشتغلت على الحتة دي وابتديت أتحسن شوية، وبقيت أقدر أخد مساعدة في علاقاتي القريبة، وكمان ابتديت أعرف أخد مساعدة من الغُرب، بس لسة مش بقدر ألجأ لحد غريب في النواحي النفسية، عشان أنا صعب عليا إني أخد مساعدة في الناحية دي من حد أنا ممكن أكون مش فارقة معاه قوي، وممكن أكون بالنسباله مجرد حالة، وخصوصاً لو ماكانش فيه حاجة بتزنقني، وعشان كده أنا حاسة إني لسة ماوزنتهاش قوي، لكن أكيد قربت شوية من التوازن.

وأنا أتمنى إن إنت كمان تشوف إنت بتميل لأنهي نوع، بس مش شرط تكون مستقر في حتة معينه، لكن ممكن تكون بتتأرجح بين التطرفين، يعني مثلاً لو كنت في الأصل بتميل للاعتمادية، وتعبت واتوجعت قوي بسببها، ممكن بعدين تروح للناحية التانية وتبقى استقلالي، من كتر ما إنت خايف تتعرض لنفس اللي اتعرضتله تاني، بس أياً كانت الحتة اللي إنت فيها، أنا بشجعك إنك تبدي تشتغل عليها لو لسة ماوصلتش للتوازن، عشان حتى لو مش بأذي حد، فأنت أكيد بتأذي نفسك، لأنك لو كنت بتدي بزيادة ده ممكن يعرضك للاستغلال، ولو كنت مابتاخدش خالص، هتعاني من الوحدة والاحتياج.


ماري منير

29/12/2014 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب والاحتياج

الحب الواعي