علاقة بين كيبورد وشاشة!


مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بقى فيه ناس كتير بتستخدمها في عمل علاقات في العالم الافتراض مع ناس مفيش أي تواصل بينهم في الواقع، بس للأسف مخاطر وخساير ده ممكن تكون أكتر من مكاسبه، لأن مفيش أي حاجة ممكن تعوض عن التواصل في العالم الواقعي من غير افتراضات وهمية عن الآخر، ده حتى التواصل في العالم الواقعي ممكن مايكونش بيدينا فرصة إننا نشوف الآخر للأخر وعلى حقيقته، فما بالكم بقى بالتواصل وكل واحد مستخبي ورا شاشة، وعنده فرصة إنه يفكر قبل ما يكتب أي كلمة، وبالتالي ممكن يرد كل الردود الكويسة العظيمة، المبنية في أحسن الظروف عن قناعاته ومعلوماته، مش رد فعله التلقائي، ده غير إن كمان وارد تعمد الكذب، أو محاولة تجميل روحنا على الأقل، وكمان سهل قوي إننا نرسم من نفسنا صورة مش واقعية عن الآخر، عشان كده مفيش أي حاجة بتغني عن التعامل والاحتكاك المباشر.

وبجانب التواصل بهدف الصداقة أو الارتباط، أو لمجرد تسديد احتياج عاطفي أو حتى جنسي، ففيه كمان ناس ممكن تستخدمه في المشاركات العميقة لما يكونوا تعبانين أو محتاجين مساعدة، وبرغم معرفتنا إن دي مش أنسب طريقة للتعبير عن النوع ده من المشاعر أو المشاكل، لأن الأفضل طبعاً إننا نكون بنشاركها مع حد بيتفاعل معانا وجهاً لوجه، أو على الأقل بيتفاعل معانا تفاعل صوتي، لكن فيه ناس كتير بيبقوا مزنوقين ومش متاح ليهم لأي سبب إنهم يتكلموا مع حد في الواقع، فبيضطروا آسفين إنهم يلجأوا للتواصل بالكتابة، واللي بيبقى طبعاً مستواها ضحل جداً. صحيح فيه ناس بيقدروا يشاركوا بانفتاح أكتر لما يكونوا مستخبين ومحدش شايفهم، بس صعب جداً إن يوصلهم إحساس وتعاطف الآخر معاهم من خلال بس الكتابة، ومساحة التفاعل بتبقى ضعيفة قوي قدام الشخص اللي بيسمع، وده ممكن يحسسه بالعجز والتقيد الشديد، وكإنه مزنزق في حتة ضيقة مش عارف يتحرك فيها.

 طيب هل ده معناه إننا مانعملش علاقات خالص من خلال الوسائل دي، أو مانشاركش أي حد مشاركات عميقة بالكتابة؟
أنا عن نفسي شايفة في موضوع العلاقات إن الطريقة دي ممكن تنفع كبداية، يعني ممكن حد يلفت نظري من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، وساعتها لو أنا حابب أتعرف عليه أكتر، ممكن أطلب منه إني أتعرف عليه في الواقع، وأنا شخصياً بفضل إن ده يتم في إطار معين، يعني مع ناس تانية في مناسبة أو تجمع، عشان الطرف التاني مايكونش مخضوض من الطلب أو من التركيز عليه في القعدة، أو إنه يكون مزنوق إنه يتعامل لو حس بعدم راحة، ده غير إن مقابلة أي حد لوحده بتتطلب مننا إن يكون معانا نمر بعض عشان لو حصل أي تأخير أو إلغاء للميعاد أو صعوبة في إننا نلاقي بعض، وممكن يكون شيء صعب إننا ندي نمرنا لحد غريب عمرنا ما شوفناه، أو معرفتنا بيه قليلة، بس كمان وارد برضه إن الطرف التاني يكون معندوش أي مشكلة إنه يقابلنا في مكان عام لوحده، أو إنه يدينا نمرته، بس لازم نكون حساسين، وخصوصاً إننا مانعرفش إيه هي حدود الآخر، ولأي مدى هو مفتوح أو بيخاف من الأشخاص الغرب، ودي بالنسبالي أقل طريقة في المخاطر.

لكن الناس اللي بيكملوا يتواصلوا عن طريق الشات، أو حتى أخدوا وقت يتواصلوا شوية بالطريقة دي في البداية، وبعدين اتعرفوا على بعض في الواقع، فده فيه خطورة إننا نتعلق بالطرف الآخر بناءاً عن صورة وهمية إحنا رسمناها، من غير ما نتعامل مع الشخص ده في الحقيقة، وكل ما الوقت يكون أكبر، بتزيد درجة تعلقنا بيه، وممكن قوي نفضل كده حتى لو شوفناه بعدين في الواقع وطلع تماماً عكس تصوراتنا، وأصلاً فيه إحتمالية إننا نتعلق بالشخص الآخر لو بنتعامل معاه في الواقع بس هو مش مبينلنا حقيقته، وممكن نفضل متعلقين حتى بعدم ما نتصدم ونعرفه على حقيقته، لأن المشاعر مش بتروح في ثانية، فكم وكم بقى لو كان الشخص ده مانعرفهوش أصلاً!

أما بقى بالنسبة لموضوع المشاركات عن طريق الشات، فممكن يكون بالنسبالي مقبول لو كان مجرد شيء استثنائي، فأنا لو بتواصل مع حد في الواقع، واحتاجت إني أشاركه في وقت ماينفعش أكلمه في التليفون أو أقابله، فممكن ساعتها نعمل كده، أو لو فيه حد مش قريب قوي مننا، بس كانت دي الطريقة الوحيدة المتاحة لينا إننا نتواصل معاه المرة دي، فممكن نعمل ده بشكل مؤقت، لكن تكرار ده ممكن مايكونش مفيد لو ماتواصلناش في الواقع، لأن الوضع ده مش هيكون صحي ولا طبيعي، وربنا خلقنا كائنات بتحتاج للعلاقات الإنسانية اللي فيها تفاعل ملموس، وشيء غير إنساني إننا نختذل ده في علاقة بين كيبورد وشاشة !

 

ماري منير

10/6/2015

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب والاحتياج

الحب الواعي