فن القرب والبعد


القرب فن مش كل الناس بتعرف تجيده، ففيه ناس بتقرب بغشومية بكل حماس وقوة، شبه القطر المجري في سرعته. وفيه ناس بياخدوا وقت طويل جداً لغاية ما ينفتحوا، وبيقربوا بحذر شديد جداً، ودول شبه السلحفة. وفيه كمان ناس مابيعروفش يقربوا خالص، يمكن لأنهم خايفين من القرب أو الرفض، ودول بقى شبه الجثة الهامدة.


وزي ما القرب فن، فالبعد كمان فن، بس للأسف فيه ناس كتير مش بيعرفوا يبعدوا، وبيفضلوا خانقين اللي قدامهم، أو حتى مكملين على جثثهم في علاقات مؤذية. وفيه ناس أسهل حاجة بالنسبالهم إنهم يبعدوا، فتلاقيهم بسهولة قوي بيقلبوا الترابيزة وبيتقمصوا ويهربوا، أو حتى بيخافوا ويجروا.

وفيه ناس كمان بيعرفوا يقربوا ويبعدوا باتزان، بحسب الظروف والتوقيت والموقف وحجم العلاقة، وبيعرفوا يكونوا متاحين لما يقدروا، أو ياخدوا لما يكونوا محتاجين للقرب، وأوقات تانية بيبعدوا عشان مايخنوقوش اللي قدامهم، أو عشان يحافظوا على كيانهم واستقلاليتهم.

بس مش لازم نكون مستقرين في حتة واحدة، لكن ممكن نكون كمان بنتأرجح بين التطرفين، يعني مثلاً ممكن يكون حد بيقرب بزيادة، بس لما اللي قدامه بيتخنق ويزقه، أو بيتخض من القرب المفاجئ فبيرجع لورا، ساعتها ممكن هو كمان يبعد لأنه اتوجع من رد الفعل على مبادرته.

والعكس كمان ممكن يحصل، فممكن يكون فيه حد منعزل ومنطوي، ومن كتر إحساسه بالوحدة يبقى عايز يقرب قوي، وبعدين يحس إنه مش قادر بتأقلم مع القرب الزيادة ده، ويحس إنه ابتدى يفقد نفسه في زحمة علاقات فيها هيصة لكن مش مُشبعة، وساعتها يقوم راجع للحتة المريحة الهادية المتعود عليها عشان يريح نفسه، وطبعاً الحتيتين دول مافيهمش اتزان.

وعشان كده القرب والبعد ده فن وليه أصول، ولو ما أتقناش الفن ده هنفضل نتخبط في علاقاتنا وممكن نخسرها، وممكن كمان مايبقاش عندنا علاقات أصلاً، أو حتى في أحسن الأحوال تبقى العلاقات الصحية العميقة المُشبعة في حياتنا محدودة قوي. 

وعشان نقدر نوزنها إحنا محتاجين نعرف الأول السبب اللي بيخلينا نقرب بزيادة، أو بنبعد بزيادة، وبعدين نشتغل ع السبب ده، ونبتدي كمان نتدرب إننا نبعد ونقرب بشكل مظبوط أكتر، لغاية ما نقدر نوصل للاتزان بين القرب والبعد.

صحيح الموضوع محتاج مجهود ووقت عشان نقدر نوصل للحتة دي، بس لو ماعملناش كده هنفضل بنأذي أو بنتأذي في علاقاتنا، وأكيد هنخسر علاقات كتير وفرص، يا هنقضيها في علاقات سطحية يبان شكلها جميل من برة، بس الحقيقة إنها فاضية من جوة، وفي جميع الأحوال هنفضل جعانين ومحتاجين، أو حتى بنرمم بس مافيش حاجة بتشبعنا، أو يكون اللي بناخده قليل قوي مايكفيش احتياجنا، لأننا عيشنا محدودين قوي.


ماري منير

22/1/2015

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا بكره ربنا!

الحب والاحتياج

الحب الواعي